سوف أطرح ثلاث مشاكل محورية متعلقة بالسكري النوع الأول والصحة النفسية:
١. نكران السكري =Diabetes denial (مسألة داخلية عاطفية)
٢. شرطة السكري=Diabetes police (مسألة اجتماعية)
٣. تأثير القلق على السكر بالدم= Diabetes & stress (مسألة خارجية عاطفية)
مترجمةً هذا عن كتاب الأخصائي النفسي والباحث في المشاكل السلوكية المرتبطة بالسكري Dr.willian polonsky
المحور الأول : Compartmentalization = التقسيم الذهني وهي الحالةالتي يقوم بها المصاب بتغييب ذهني جزئي لحالته الصحية لتجاهل أعباء ومستلزمات الاعتناء بسكره.
يتفرع *التقسيم الذهني* إلى طبعين قد يكون إيجابي أو سلبي:
فالإيجابي منها الاسترخاء من السكري =Diabetes vacation
والسلبي هو نكران السكري=Diabetes denial
أما الاسترخاء من السكري فيكون: التخطيط مسبقا لفترة محددة لتقليل من مهام العناية بالسكر مع عدم الإهمال
مثال ذلك: معرفتك مسبقًا بانشغالك بمناسبة خاصة بك، فترخي على نفسك بأن تقلل عدد مرات مراقبتك لسكرك، مع احتياطك بأخذ اللوازم التي تحميك عند ارتفاع أو انخفاض سكرك أما نكران السكري فيكون: أسلوب للتعايش مع السكري من خلال تجاهل الاعتناء بالسكر بطريقة شمولية أو جزئية.
مثال ذلك: اعتقادك أن السكر مسألة بسطية..فتقوم بتسطيح طريقة تعاملك معاه؛ فتتهاون بشكل متكرر في أخذ الأنسولين قبل الوجبة..وقد تتهاون بنوبة الانخفاض وتخفيها عمدًا رغبة منك في نسيان إصابتك بالسكر وعيش اللحظة كأي شخص آخر ليس لديه سكر.
وأحياناً قد يكون بإخفاء إصابتك عن الآخرين لدرجة أن لو أحدهم علم بإصابتك قد تتلخبط وتنزعج بشدة لاختراقه لحصن عظيم أنت عليه رقيب، فالمشكلة ليست في تغييب مسألة إصابتك عن الآخرين -لأسباب شخصية منطقية-ولكن في تحريم معرفتهم من دون علمك لأنه يهز من حصانة خصوصيتك المبالغ فيها.
أسباب نكران السكري:
١. الاعتقاد بأن حينما يقل تفكيرك بالسكر فبذلك تقل التبعات السلبية -سواء من مخاوف ومضاعفات- المتعلقة به = Magical thinking
٢. الاعتقاد بأن السكري “كعلاقة الند بالند” أو ” يا أنا يا السكر”
٣. تسطيح الجانب التثقيفي عن السكري من قبل الفريق الطبي أو معارف المصاب
كيفية التخلص منه:
١. ضع مساحة لنفسك للاعتراف بالمشاعر السلبية المتعلقة بالاعتناء بسكرك
٢. اكتشف الاعتقادات المخفية بداخلك التي تقودك إلى الإحساس بأن لا شيء يمكنك فعله
٣. تحدى نفسك
٤.تحدث إلى من تثق
٥. داوم على معرفة كل ما يتعلق بتفاصيل الاعتناء بسكرك
ننتقل للمحور الثاني، شرطة السكري:
هو تدخل أحد الأشخاص بلعب دور رجل الأمن لمنعك من اقتراف تصرف يجعلك مجرماً في حق سكرك. يصبح المصاب criminal ومقدم الرعاية police -سواء أحد أفراد الأسرة أو أحد أعضاء فريقك الطبي – ما هي أدوار أعضاء شرطة السكري؟ ١. مراقبتك ٢. لومك٣.الحديث عنك ٤.نصحك
١.مراقبتك: يخولون أنفسهم بالتحقق من مدى صحة كل ما تأكله وتفعله
٢.لومك: توبيخ الطبيب/الأخصائي عند حصولك على نتيجة سكر تراكمي مرتفعة أو لوم والدتك لك على هبوط سكرك
٣.الحديث عنك: توكيل أنفسهم بالتعريف عن حالتك الصحية في أي لقاء مع أشخاص آخرين
٤. نصحك. فهذه إما تفيدك وتغيضك أو تسمك
يعتقد ذوو أعضاء Diabetes police أنهم حينما يقومون يذلك يحمون مصابيهم من أي خلل في مستويات السكر، وأن بتركهم لهذا الدور هو تقصير منهم عن الاعتناء بك. وهناك فريق آخر -عافانا الله منهم- هو اعتقادهم بجهلك وبأحقيتهم بالسيطرة عليك والقبض على تصرفاتك متى شاؤوا.
فالفريق الأول دافعهم صحيح ولكن تصرفهم خاطئ. بينما الفريق الآخر فكلا الدافع والتصرف خاطئ. وإن صح الدافع فذلك لا يبرر خطأ التصرف على المدى الطويل ومع تكرر المواقف.
على المصاب التحقق بين أعضاء Diabetes police الحقيقيين والوهميين: فحينما يذكرك أستاذك بشرب العصير لأن أعراض الهبوط لم تذهب منك ولا زالت عالقة فيك؛ فهذا لا يعني أنهم يقللون من شأن سيطرتك هم فقط يقومون بدور المساعد في ظرف؛ وحينما تقوم والدتك بالاقتراح عليك هذا لا يعني أنها تقر بقلة معرفتك؛ هي فقط تريد أن تكون لها مساهمة ولو بسيطة في تنظيم سكرك. فإن كنت مسالمًا حقًا مع سكرك خذ ما ينفعك واترك مالا يروق لك ويضرك.
هناك عدة طرق قد تقلص من وجود أعضاء Diabetes police في حياتك:
١. أخبرهم عن انزعاجك من تصرفهم ووضح سبب ذلك.
٢. أذكر مدى وعيك وجهودك في الاعتناء بسكرك.
٣. ساعدهم بتعليمهم الأسلوب الذي تفضله في حين حاجتهم أو رغبتهم لمساعدتك.
٤. دع جانبك السكري ينظر لنفسه جيداً في المرآة.
فلربما بسبب تصرفاتك التي تضر بها نفسك مراتٍ كثيرة يدفعهم لمعاملتك كمتّهم في حق صحتك؛ فالشرطي والمتهم كلاهما يساهمان في تطور المشكلة، وبمجرد معرفة أحد الطرفين بذلك يبدأ التغيير والحل! أيضًا ربما يتوهم لك أن طبيبك أو أي أحد من حولك سوف يلومك على أي تصرف لك بينما لم يحصل ذلك.
إذا لم تنفع كل الطرق.. حان الوقت بالحصول على طرف ثالث لحل المشكلة.. سواء بتدخل أحد أعضاء الأسرة إن كانت المشكلة عائلية، أما إن كانت طبية فالسعي بتغيير الطبيب/الأخصائي الذي يضايقك والبحث عن بديل لنفسك أو لطفلك (وإن لم يتوفر لك تغيير الطبيب/الأخصائي)أكسبه بسماع الحق منه وترك الباطل.
نختم مع المحور الثالث والأخير، تأثير القلق والتوتر على سكر الدم:
المقصود بالقلق هنا الإجهاد النفسي وليس المقصود هنا الفسيولوجي الذي يؤدي بالتأثير على مستويات السكر بالدم. يتفرع لنوعين:
١. اجهاد نفسي حاد= كالمرور بحادثة وفاة مفاجأة/ الكوارث الطبيعية، وأحيانا يكون بسماع خبر سعيد مفاجئ جدًا.
٢.اجهاد نفسي مزمن= الاكتئاب، مشاكل في العمل.
يقول المؤلف أن الدراسات الميدانية=Field studies تبرهن بأن الإجهاد النفسي قد يسبب ارتفاع السكر في الدم؛ بينما الدارسات المخبرية=Labratory studies فنتائجها غير متوافقة، ولا يوجد اتفاق بين كل نتائج الدراسات على أثر ذلك.
استنتج المؤلف بأن الإجهاد النفسي يؤثر ولا يؤثر على السكر! بالرغم من اعتقاد الكثير من الأطباء والمصابين بأثر ذلك، إلا أنه لا يوجد هناك سلسلة من الدراسات القوية لتبرهن حتمية ذلك.
والسبب وراء ارتفاع السكر عند الإجهاد النفسي في اعتقاد المؤلف لعلتين:
١. الإجهاد النفسي يؤثر سلبيا على الرغبة والسلوك بالتحكم بالسكري، عند بعض الأشخاص في بعض الأوقات.
مثلا: إذا كان المصاب بالسكري قد تعرض للإجهاد فسيولوجي بسبب مروره بمواقف تحفز ذلك(كفقدان أحد الأعزاء) فهذا لا يعني فقدك لعزيز يؤثر على سكرك، وإنما كيف تتفاعل مع هذا الموقف عاطفياً هو ما يحدد أثره على سكرك. فما يحدد أثر الإجهاد النفسي على تحكمه بسكرك ليس وزن الضغوطات بل طريقة تكيفك معها.
٢. الإجهاد النفسي قد يؤثر مباشرة على مستويات السكر، عند بعض الأشخاص في بعض الأوقات.
قسم الباحثين المصابين بالسكري تجاه القلق بيولوجيًا إلى ٣ أقسام:
١.غير حساسين للاجهاد النفسي، هذه المجموعة سكرها لا يتأثر مباشرة بالإجهاد النفسي.
٢.حساسين للإجهاد النفسي، هذه المجموعة سكرها يرتفع مباشرة عند الإجهاد النفسي.
٣. المجموعة الأخيرة على نقيض الثانية؛ فسكرها ينخفض مباشرة عند الإجهاد النفسي.
**كما أضاف المؤلف أن ليس أي إجهاد نفسي يبرر ارتفاع مستويات السكر بالدم..فلا يتأثر السكر بالإجهاد النفسي إلا في حالات Adrenaline surge أي عند زيادة هرموني الأدرينالين والكورتيزول**
ختم المؤلف بأن أثر الإجهاد النفسي على سوء التحكم بالسكر يبدو واضحاً أكثر وليس متباينًا كما في التأثير المباشر على السكر بالدم؛ مبررًا ذلك بأن غالبًا ما ينشغل المصاب بما يشغل باله متسببًا ذلك في تدحدر التحكم بالسكري من قائمة أولوياته!
فالمشكلة سلوكية في غالب المواقف وبيولوجية تتباين فيها نسب التأثير من شخص لآخر.
هذه بعض الأوراق العلمية المرتبطة Diabetes & stress لم يذكرها المؤلف في كتابه: